حواء تتحدى !
لم تعد حواء اليوم تدافع عن نفسها بالدموع والشتائم، أو إبلاغ الشرطة ضد أى شاب متسكع يعترض طريقها، لكنها طورت أدوات الدفاع عن نفسها تطورًا خطيرًا ! هذا الأسبوع، قدمت "صفاء" آخر موضة للدفاع عن نفسها ضد شاب يعاكسها. قذفته بماء النار عند منتصف الليل وسط الشارع، وكانت النهاية، الشاب يتلقى العلاج بالمستشفى، وصفاء محبوسة داخل التخشيبة
! عادت صفاء بصحبة والديها من الحقل بعد أن أعلنت شمس هذا النهار عن الرحيل، وفتحت السماء أبوابها لظلام الليل، تناولت الأسرة طعام العشاء، وفضلت الركون إلى النوم بحثًا عن الراحة بعد يوم عمل شاق. لكن صفاء ظلت يقظة، شىء ما يسيطر على تفكيرها، قرار مهم يلعب برأسها، لم ترد أن تبوح بسره لأحد من أفراد أسرتها، فضلت أن تحبسه داخلها حتى تهتدى إلى حل !
كانت مشاعر الغضب خير من يعبر عن حال صفاء - 20 سنة - وهى تتحرك داخل غرفتها، تفكر بعمق شديد، تتمنى أن تتخلص بسرعة من عذاب الحيرة التى تملكتها وشغلتها عن كل شىء فى الدنيا!
بعد ساعات من هذا العذاب، قفز القرار إلى رأس صفاء، الانتقام هو الحل! ركزت صفاء فى خطة الانتقام من جارها الصبى عماد - 15 سنة - تأكدت أن أسرتها تغط فى نوم عميق، نظرت إلى عقارب الساعة فوجدتها تقترب من الحادثة عشر مساء، أمسكت بزجاجة صغيرة، توجهت بها إلى محل بيع قطع غيار، اشترت منه "ماء نار" بجنيه واحد عادت صفاء وهى تجوب شوارع منطقة برك الخيم التابعة إلى مركز إمبابة، تمسح الشوارع بنظرات سريعة، فتتأكد أنها خالية من المارة، فى مكان مظلم، ربطت صفاء كمينها بالقرب من منـزل أسرتها، وقفت تنتظر ضحيتها الصبى عماد، فهى تعلم أنه سيظهر فى هذا الموعد، لأنه يخرج كل مساء من منـزل أسرته القريب من منـزلها يبيع اللبن بالدراجة، ثم يعود عند منتصف الليل، ظلت ترمق المكان بدقة وحذر شديدين، وعندما ظهر عماد وعلى بعد أمتار، اقتربت منه، وجهت إليه عتابًا شديدًا لأنه يعترض طريقها ويتحرش بها، قبل أن يجيبها عماد كان رد صفاء أسرع منه، قذفته بزجاجة ماء النار، لكن عماد يحاول أن يفادى وجهه، فتصيبه فى ذراعه وجانبه الأيمن، يسقط عماد على الأرض موجها صرخات مدوية من شدة آلام الحروق التى أصابته، بينما تطلق صفاء لساقيها العنان، وتهرب من المكان.
استغاثة يتجمع أهالى المنطقة على صوت استغاثة عماد تصدمهم المفاجأة. ينقلونه بسرعة إلى مستشفى إمبابة العام، يلتف حوله فريق من الأطباء لتضميد الحروق التى لحقت به.
فى نفس الوقت يتلقى اللواء عبدالجواد أحمد مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة بلاغًا من المستشفى بوصول عماد مصابًا بحروق متوسطة بجانبه وذارعه اليمنى إثر قذفها بماء النار !
تسفر مناقشة المقدم أشرف توفيق رئيس مباحث مركز إمبابة للمجنى عليه أنه كان عائدًا من عمله فى توزيع اللبن على بعض المنازل، وعندما اقترب من منـزله انشقت الأرض عن صفاء جارته وفوجئ بالشرر يتطاير من عينيها وتحاول الاحتكاك به، ثم اقتربت منه وفاجأته بقذفه بزجاجة بداخلها ماء نار، لكن أبعد وجهه بعيدًا عنها لتصطدم بذراعه وجانبه الأيمن !
* وبسؤاله عن سبب إصابته
- قال عماد إن أسرته على خلاف قديم مع أسرة صفاء بسبب اتهام أسرة عماد بالتعدى على زراعة حقل أسرة بالعربة الكارو الصغيرة، وحدثت بينهما مشاجرات من قبل، ومن وقتها وأسرة صفاء تضمر لهم السوء ! تسفر تحريات الرائد عبدالرحمن أبو ضيف عن صحة رواية عماد، وأضافت التحريات أن صفاء عزمت على الانتقام من أسرة المجنى عليه فى شخص عماد.
ألقى النقيبان حسن سمير ووائل الجابرى معاونا المباحث القبض على صفاء، بمواجهتها بالتهمة حاولت الانتحار، لكنها فجرت مفاجأة أمام وليد حامد رئيس نيابة مركز إمبابة عندما وجه إليها تهمة قذف عماد بماء النار والشروع فى قتله.
قالت صفاء: لم أكن أتمنى أن أفعل ذلك، لكن عماد هو الذى اضطرنى لارتكاب هذه الجريمة رغمًا عنى. فمنذ فترة طويلة وأنا أعانى من مضايقاته ومطارداته أشد المعاناة فى الصباح والمساء يطاردنى بكلمات الغزل الرخيص، محاولاً النيل من شرفى لتلويث سمعتى فى القرية للانتقام من أسرتى وحاولت أكثر من مرة إبعاده عن هذا التصرف الرخيص، لكنه أصر على مواصلة مطارداته الرخيصة لى، فلم أجد أمامى سوى الرد عليه لإيقاف زحفه ليقف عند حده!
يأمر رئيس النيابة بحبس صفاء أربعة أيام على ذمة التحقيق بتهمة الشروع فى قتل عماد.
أنا خايفة ! وهى فى طريقها إلى التخشيبة سألنا صفاء:
* كيف اتخذت قرار الانتقام ؟
- اتخذته بعدما ضقت من تصرفاتن بمعاكستى فى الرايحة والجاية ! * ولماذا ماء النار ؟
- لأن ماء النار استخدمها فى تنظيف أحواض المنـزل باستمرار والمحل الذى يبيعها قريب من منـزلنا بنفس المنطقة. كما أننى متأكدة أننى لن أستطيع مواجهته لأنه أقوى منى، وفى كل الأحوال سيهزمنى، فكان الحل ماء النار حتى أتفادى المواجهة معه،
* ولماذا اخترت هذا الموعد بالذات ؟
- لأننى أعرف أن عماد يعود كل يوم منه.
* هل ساورك الخوف وأنت تنفذين جريمتك ؟
- طبعًا، لأنها أول مرة أعمل فيها كدة !
* لكن تحريات المباحث أكدت أن عماد لم يعاكسك وأنك أردت الانتقام منه بسبب المشاجرات بين الأسرتين ؟
- صحيح توجد مشاكل بيننا، لكن عماد والله كان دايمًا يتحرش بى ومرة زنقنى فى الحائط وأصابنى فى ذراعى !
* هل تخشين عقوبة السجن ؟
- تبكى صفاء: أنا خايفة قوى، ماكنتش أعرف أن الموضوع حيوصل لحد كده، أنا عايزة أمشى من هنا !